ذاكرة كيف ومتى ولماذا..
لقد حبسني حبيبي داخل زجاجة عطره
كما حبسوا الجنّي في القمقم ورموا به إلى قاع البحر.
ومن يومها وأنا أراسل برقيات الاستغاثة،
فهل تعثرت بواحدة منها على الشاطئ
وقرأت فيها هذه السطور؟
إذا فعلتَ ، لا تأتِ ، لا تحاول إنقاذي !
لقد ألفتُ قارورتي
في ركنها نصبت طاولة كتابتي، ونثرت أوراقي وربطت
روحي إلى فرشاة أسناني
وامتطيت قلمي في الليل كما تمتطي الساحرة عصاها لترحل
في سموات النجوم...
ومن يومها وأنا أطير بعيداً في أحلامي
بحثاً عن أسئلة تاهت مني،
عن كيف كان ذلك بيننا،
ولماذا أنت،
ومتى اكسرُ زجاجة عطرك، وأستعيد ذاكرتي؟
ذاكرة ايديولوجية
الديمقراطية؟ نعم... بالتأكيد.
ولكن، ماذا تفعل بمجنونة مثلي
تصوّت باستمرار لديكتاتورية حبك؟
أشهد بالهذيان
ضبطت نفسي متلبسة بحبك
مثل لصة صغيرة
تسرق رغيف حنان ..
***
وسط موقد الحمى
رأيت جنوني بك يتلهب
و انتظاري لهبوب رياحك
لا ينتهي ..
رسالة من عينين عاريتين
في عينيك متسع للموت والحب...
فهل تسمح لضالّة في براريك مثلي،
بأن تغلق باب جفونك خلفها،
لتختلي قليلاً بموتها؟
الأشياء كلها التي أحبها ليست لي ...
البحر ليس لي،
يأخذني بين ذراعيه كصدفة صغيرة،
يدلّلني ، ثم يلفظني
على الشواطئ لشمسٍ تقدّدني...
الخريف ليس لي،
ترقص حولي أوراقه الملوّنه كالفراشات
لتتزوج من التراب،
وشهواتي تفوح حولها كالغبار المضيء...
حُبك ليس لي،
صهيلك عابر سبيل في مغاوري...
وحده جرحي لي:
شارع يقودني إلى موتي الجميل بوباء الذاكرة...
أشهد بأصابع الأشجار
ها هو نهر الزمن يجرفك ...
و الأشجار تلوح
بأذرعها الشبحية الرياحية
"وداعا"مرسومة بالأخضر...
و العصافير تعول بمناقيرها المكسورة ...
و أنا أتامل المياه تغمر وجهك
الذي كان يوما منارتي ...
و لا أقول شيئا ...لكنني أتثائب
***
لقد ألفت هذا المشهد
و كنت أعرف منذ البداية
أنني وجدتك لأضيعك
و أحببتك لأفقدك
فقد التقينا مصادفة
و أنت ذاهب الى فرحتك بمجدك ...
و أنا راجعة من ضجري بكل ما يفرحك الآن ...
و كنا سهمين متعاكسي الاتجاه
و كان لا مفر من الوداع كما اللقاء ...
أشهد على عصيان
.
... و لن أغفر لك
فقد تآمرت علي مع أعماقي ..
و منعت التجول في شوارع عمري..
و أعلنت الأحكام العرفية في شبكتي العصبية ...
و ها أنا أسيرتك !
أركض في دورتك الدموية مكبلة بالسلاسل
كجدتي الملكة زنوبيا في شوراع روما ...
***
... و لن أغفر لك
و سأعاقبك عقابا لن تنساه :
سأحبك ! ..